حامي الرسول

أبو طـالب حامي الرسول وعظيم الإسلام

الدليل الرابع عشر : عـتـاب !

و اذا كان البعض لا يزال يصر على كفر ابي طالب فلا بد له من توجيه هذا العتاب إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله

جاء في صحيح البخاري في باب الدعاء للمشركين من كتاب الجهاد والسير : و قد تكرر ذكر هذا الحديث في البخاري، في كتاب المغازي، باب قصة دوس :

قال أبو هريرة. .. قَدِم طُفيل بن عمر الدوسي وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا :

يا رسول الله إنّ دَوساً عَصَت وأَبَت، فادعُ الله عليها، فقيل : هلكت دَوس !

قال : اللهم اهدِ دَوساً وائتِ بهم.

لاحظ أن الطفيل يطلب من النبي الأكرم أن يدعو على دوس، وذلك لأنها أبت الدخول في الإسلام. ونقرأ أن النبي الأكرم خالف طلب الطفيل فدعا لقبيلة دوس، ولم يَدْعُ عليها، وذلك من شَفَقَته ورافته ورحمته على البشرية.

ونحن نعلم أنه لم توجد بين النبي الأكرم وبين قبيلة دوس قرابة أو ما أشبه ذلك.

ونعلم – أيضاً – بأن دعـاء النبي مستجاب، وأن دعائـه يخـرق الحُجُب السبعة، وبدعائه ذلك دخل أهل دوس في الإسلام كما أخبرنا التأريخ بذلك.

هذا. . مع الانتباه إلى أن أبي طالب كان قريباً من النبي من حيث القرابة والمسافة.

يضاف إلى ذلك : أن النبي الأكرم كان يتمنى ويحب دخول عمه في هذا الدين، والله تعالى يقول في كتابه الكريم : يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة التحريم / 6.

ومن الواضح أن أبا طالب من قرابة النبي الأكرم وأهله، فهل يا ترى أن النبي كان مُقَصّراً في دعوة عمه ؟!

فكيف نُوَفّق بين دعاء النبي لقبيلة دوس البعيدة، وإهماله لعمه القريب منه في النسب والمسافة ؟!

وأقول :

إن كان ما قرأناه في التأريخ حقاً، فإني أقول –متسائلاً أو معاتباً- :

أمِنَ العدل يا رسول الله ! أن تدعو لأهل دوس بالدخول في الإسلام وبهدايتهم، وتترك الدعوة لعمك أبي طالب ؟!

أبي طالب الذي كَفَلَكَ وآواك وربّاك وحماك، ودافع عنك دفاع المستميت، حتى شَهِدَ له بذلك العدو والصديق، والموالي والمخالف.

ما هكذا الظن بك يا رسول الله !

ثم إن أبا طالب كان رجلاً واحداً فقط، ومن السهل دخوله في الإسـلام وذلك بدعائك، وكان مُهيّئاً لقبول الدعوة أيضاً.

أما أهل دوس، فهم بالألوف المؤلفة.

فأنت الذي تمكنت من إدخال كل هذا الجمع في الإسلام، ومن تلك المسافة البعيدة. . بين المدينة ودوس التي هي باليمن كيف بك لا تدعو لعمك أو لا تستطيع أن تُدخل عمك في الإسلام ؟!


خـبـر وتـعـليـق

روى مسلم في صحيحه :المجلد 1، ج1، ص134، كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي، ط دار الفكر، بيروت

عن عبدالملك بن عمير. .. عن العباس بن عبدالمطلب أنه قال : يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء ؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك ؟

قال : هو في ضحضاح من نار ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار.

أقول :

إن من رواة هذه الرواية عبدالملك بن عمير، قال فيه ابن المنذر الرازي المتوفى سنة 327هـ في كتابه الجرح والتعديل : ج5، ص360، ترجمة 1700

عبدالملك بن عمير لم يوصـف بالحفظ ! يختلف عليه الحفاظ.

عبدالملك بن عمير مُخلّط، ليس بحافظ، تغيّر حفظه قبل موته.

ويقول فيه أحمد بن حنبل :

عبدالملك بن عمير مضطرب.

وقال في موضع آخر :

عبدالملك بن عمير مضطرب الحديث جداً، مع قلة روايته.

وقال فيه يحيى بن معين : مخلط.

وقال أبو حاتم : ليس بحـافظ. .. تغير حفظـه قبـل موته. .. لم يوصف بالحفظ.

راجع : تهذيب الكمال ليوسف المزي، المتوفى 642هـ، ج18، ص373-375 ترجمة3546، ط مؤسسة الرسالة، بيروت.

وجاء في صحيح البخاري كتاب الجنـائز باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله :

... عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبدالله بن أبي أمية بن المغيرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب : يا عم ! قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله.

فقال أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملّة عبدالمطلب ؟!

فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملّة عبدالمطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما والله لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك، فأنزل الله تعالى فيه : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين. .. .

الرد على ما ورد في صحيح مسلم والبخاري :

لقد قام علماء الشيعة الكرام بالكشف عن هذه الدسائس والأكاذيب فيقول المحقق العظيم الشيخ عبدالحسين الأميني في كتابه الغدير : الغدير، ج8، ص9-10

راوي هذا الحديث سعيد بن المسيب، وهو ممّن ينصب العداء لأمير المؤمنين علي عليه السلام، فلا يُحتج بما يقوله.

ويقول أيضاً :

هذه الآية نزلت بالمدينة ما كان للنبي والذين آمنوا أن يَستغفروا للمُشركين ولو كـانوا أُولي قُربى من بعد ما تبيّن لهم أنهم أصحاب الجحيم براءة / 113، بعد موت أبي طالب بعدّة سنين تربوا على ثمانية أعوام، فهل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلال هذه المدة يستغفر لأبي طالب عليه السلام آخذاً بقوله ( والله لأستغفرنّ لك ما لم أُنْـهَ عنك ).

وكيف يستغفر له وكان هو والمؤمنون ممنوعين من موادّة المشركين والمنافقين وموالاتهم ؟!

والاستغفار لهم من أظهر مصاديق الموادّة والتحابب.

أضيف فأقول :

ومما يدُلّ على انحراف سعيد بن المسيب – عقائدياً – عن أئمة أهل البيت عليهم السلام هو ما ذكره الواقدي في كتابه الطبقات : ج3، ص426، الطبقة الثانية من أهل المدينة من التابعين، علي بن الحسين، ط1414هـ.

أن سعيد بن المسيّب مرّ بجنازة الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ولم يُصلّي عليها! فقيل له : ألا تُصلّ على هذا الرجل الصالح من أهل البيت الصالحين ؟

فقال : صلاة ركعتين أحبُّ إليّ من الصلاة على الرجل الصالح !!

أقول :

لقد قرأنا ما مر علينا في صحيح البخاري أن أبا طالب لم يتشهد الشهادتين حين الوفاة !

قال تعالى : وليست التوبـة للذين يعملون السيئـات حتى إذا حَضَـرَ أحدهـم الموت قـال إني تُبت الآن النساء/18.

وفي موضع آخر يخبرنا الله تعالى ما جرى لفرعون فقال جل وعلا : حتى إذا أدْركه الغَرَق قال آمنت أنّه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين يونس/90.

فالله سبحانه وتعالى لن يقبل التوبة في هذه الأوقات العصيبة، والحرجة، وحال الاحتضـار وحين خروج الروح، وتُعتبر هذه اللحظات، لحظات اليأس من الحياة، وذلك حين الاحتضار كما أشارت الآيات التي مرت علينا آنفاً، فالسؤال هنا :

كيف يطلب النبي صلى الله عليه وآله من عمّه أن يتشهّد الشهادتين حال الاحتضار كما مر علينا في الصفحات السابقة وما رواه البخاري في ( صحيحه ! ) والذي هو إلى التصحيح أحوج !

ألا يعلم النبي الأكرم أن عمّه أبا طالب إذا تشهّد الشهادتين، فإن ذلك لن ينفعه، والسبب كما ذكرنا !

ألا يحق لنا أن نقول بأن هذه الرواية موضوعة.

ونختصر القول فنقول :

إن التـاريخ قد دُوّن في وقت متأخـر وفي ظل حكام جائرين ومستبدّين، وهكذا بالنسبة إلى تدوين الأحاديث، فقد كانت السلطات الحاكمة تفرض على النُخبة أن يغيّروا في الإسلام ويُدوّنوا ما يهواه الحـاكم، وذلك طبقاً لميولهم، وقد كان بعض الكتـّاب والمحدّثين يتحـمّس للمبالغة في التحريف. . إرضاءً لذلك الحاكم.

وبعض هؤلاء، كان حاسداً ومبغضاً للإمام علي عليه السلام وعاجزاً عن الطعن فيه، رغم جميع محاولاته.

وعلى هذا الأساس، قاموا بتوجيه سهام ذلك الحقد الدفين والحسد البغيض إلى أبيه، وذلك بهدف محاولة المساواة بين والد الإمام وبين آباء كبار من يعتقدون بهم : من الخلفاء أو الحكام.

فالتاريخ يذكر لنا أن والدي عمر بن الخطاب قد ماتا على الشرك وكذلك والدي عثمان بن عفان، فإنهما ماتا على الشرك أيضاً.

وكذلك فإن آباء هؤلاء الذين ذكرناهم آنفاً ليس لهم ذكر في التأريخ لا قبل الإسلام ولا بعده، وهذا ثابت لا يختلف فيه اثنان.

فعندما لم يجد الأعداء نقصاً أو عيباً في الإمام علي عليه السلام قاموا بتوجيه الضربة إلى أبي طالب.

ونحن في ختام هذا البحث نقول :

لقد مر عليك في الصفحات السابقة "حديث الضحضاح" وأن أبا طالب في النار، وأن دماغه يغلي من أثر الجمرة التي تحت قدميه كما في بعض رواياتهم وما إلى ذلك من أقوال الوضاعين الكذابين.

وأنا في الحقيقة لا أعلم ما هي فائدة تلك الجمرة تحت قدمي أبي طالب ويغلي منها دماغه، فطالما هو في النار فما فائدة تلك الجمرة، وكأن الراوي قد أراد أن يشفي غليل صدره الحاقد فأضاف هذه الكلمة إلى أكاذيب من كان قبله.

قال تعالى : ولا تحسبَنّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يُؤخِّرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ابراهيم / 42.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين. 2010-03-05 04:06:19